ابو عوض مؤسس المنتدى والمدير العام
عدد الرسائل : 447 العمر : 71 sms : <!--- MySMS By AlBa7ar Semauae.com --><form method="POST" action="--WEBBOT-SELF--"> <!--webbot bot="SaveResults" u-file="fpweb:///_private/form_results.csv" s-format="TEXT/CSV" s-label-fields="TRUE" --><fieldset style="padding: 2; width:208; height:104"> <legend><b>My SMS</b></legend> <marquee onmouseover="this.stop()" onmouseout="this.start()" direction="up" scrolldelay="2" scrollamount="1" style="text-align: center; font-family: Tahoma; " height="78">(اللهم أنصر المجاهدين في غزة)</marquee></fieldset></form><!--- MySMS By AlBa7ar Semauae.com --> تاريخ التسجيل : 25/11/2008
| موضوع: وفاة الحاجة خضرة طبش ... أكبر معمرة في فلسطين.. الأربعاء 15 أبريل 2009, 1:47 pm | |
| المعمرة خضرة (150 عاما )..شاهدة على تاريخ يفتقده المؤرخون
غزة/رشا بركة:
في تجاعيد وجهها وعينها المرهقتين ترى أحداث التاريخ على مدار أكثر من قرن ونصف، وذاكرتها لازالت تقرع بداخلها أصوات الحروب وساحات القتال شاخصة لم تُنس، وفى أعماق قلبها الكبير تحمل آلام وأفراح وانتصارات الماضي البعيد، وآلام الحاضر المرير والمستقبل المجهول.
كتاب من مئات الصفحات، يتضمن عدة فصول لاسيما الخلافة العثمانية، مروراً بالاحتلال الإنجليزي، ووصولاً إلى الاحتلال "الإسرائيلي" الذي لا يزال شاخصاً أمام عينيها بجرائمه المتواصلة منذ عام 1948 وحتى هذا اليوم. إنها جدة أجدادنا العجوز خضرة طبش ابنة الـ(150) سنة.
مفتاح السر
ليس من السهل أن تمنح الجدة خضرة أحداً مذكرة لمشاهد التاريخ عبر القرن والنصف الذي عاشته إلا بمفتاح سر، ومفتاح السر لترويها "أيتها الجدة تحدثي إلينا عن زمان حتى يتوحد العرب"، فبعد عدة محاولات وافقت على رواية الأحداث بعد سماعها بأن العرب سيتوحدون.
لم ينل الاحتلال المتعاقب لأرض فلسطين والذي شهدته جدتنا العجوز من عزيمتها، فقد عايشت الحكم العثماني واحتلال الإنجليز وحكم المصريين والأردنيين، وشهدت حروب اليهود على فلسطين والدول العربية التي احتلتها ولا زالت شامخة تردد.."حكمنا الأتراك ثم احتلنا الإنجليز ورحلوا وحكمتنا مصر والأردن وذهبت وها هي (إسرائيل) احتلتنا وستذهب..".
تلك العجوز لم تنسيها الأيام تاريخها، ولم تشف غليلها على من اعتدوا على أرض فلسطين، ورغم كبر سنها إلا أنها تعي كل ما حولها وتتذكر جيداً كل ما مر عليها من أحداث ومحافل في حياتها حتى منذ طفولتها، فكأن عقلها مذكرة تاريخية يفتقد إليها أهل التاريخ.
وبعد أن طال بحث الجدة في كتاب التاريخ المحفوظ بذاكرتها، استحضرت أولا الحكم العثماني لتئن من أعماق قلبها وتقول: "الأتراك ما كانوا أحسن من غيرهم، رغم أن بعضهم كانوا يريدون أن يجعلونا عبيدا لهم".
ثم زاحم ذاكرتها من الأحداث "حرب الإنجليز" واحتلالها لـ"فلسطين"، وعند روايتها لتلك الأيام هزت رأسها وقالت: "آه آه كانت حربهم سوداء..أصوات المدافع ..لقد قتلوا الكثير من الرجال، لكنها كانت أياماً سوداء عليهم، لم يكن العرب كالعرب الآن، فنحن أطعمناهم المر في بلادنا، ولقد كانت المرأة في ذاك الوقت بألف رجل من الأقوياء في هذا الزمن الأغبر".
لكنها عند استحضارها لذكريات الاحتلال الإنجليزي اندفعت تقول: " لم يتجرأ الإنجليز على ما يفعله اليهود بنا، لقد كان الإنجليز وحوشا، لكن احتلالهم لنا كان سواداً عليهم، لأن العرب كانوا في ذاك الوقت عرباً، وكان جميعنا يحارب الإنجليز ولم يكن هذا رجل وتلك امرأة".
أخلاق الإنجليز
مشاهد جمة من حكم الإنجليز لفلسطين تراكمت في ذاكرة الجدة خضرة، لكنها اختارت منها مشهدا أرادت منه أن تعطي مذكرة عن أخلاق الإنجليز المتحطمة في ذلك الوقت. وبلهجة أصحاب التاريخ قالت:" كان الإنجليز لا يملكون أخلاقاً ولم يكن لديهم شيئا ممنوعا، لقد كانوا يتعرضون للمحرمات ولم تكن امرأة تمر إلا ويتعرضون لها، لكننا كنا بألف رجل".
وتروي: " كنت أقف أمام دورية الإنجليز عندما يوقفون النساء، وكانت الفتاة منهم إذا تعرض لها أحد الجنود تهجم عليه وتمسك برقبته ولا تتركه إلا بعد أن يسيل دمه بين يديها، حتى بات الإنجليز ينظرون إلى الفتيات بخوف ورعب شديدين بعد أن هاجمت أحدهم قبلها بأيام".
ينال الإنجليز من قلب العجوز الضعيف حقداً كبيراً خصتهم به، لأنهم بالنسبة لها الخنجر الأول الذي تضاعفت بعده الجراحات في قلب فلسطين المحتلة، وتضيف: " الإنجليز هم أول سكين وضع في قلوبنا، وهم الذين بدلوا أيام عزنا إلى حزن، وكانت القبيلة منا تأكل من صحن واحد فجاؤوا وفرقوا الشمل".
معذرة أيتها الجدة الحنون فقد لا تجدين منالك وقد تموتين وجرح قلبك الذي ضم جراحات فلسطين قد لا يشفى، "فالجدة خضرة عاشت لتتمنى أن ترى فلسطين محررة قبل أن تموت وأن ترى العرب قد توحدوا بعد طول افتراق"، ومع يقينها بأنها لن تعيش لذلك رددت: " لا تحسبوني أغني من فضاة بالي والنار جواتي تأكل بأكبادي".
ذكريات الطفولة والشباب
ذكريات الطفولة والشباب هونت على الجدة خضرة من آلامها، ورسمت ابتسامة حركت تجاعيد وجهها لتعطى معاني كبيرة عن جمال وحلاوة تلك الأيام التي تجسد تاريخ وتراث أهل فلسطين. وبدأت استحضار تلك الأيام بصوتها العذب "سلامات سلامات يالى تحبونا مريتو ورحتوا وسبتونا "، وتشير إلى أنهم كانوا يقضون أوقاتهم بالأغاني الحلوة.
وبكلماتها التي ترويها كقطرات الدم، عبرت عن التلاحم الشديد والمحبة والمواساة التي كانت مزروعة بين أهل فلسطين في كافة محافلهم، وتضيف: " كان فرح أحدنا فرحاً للجميع، وإذا حزن أحدنا لزم أن نحزن جميعا لم يكن هناك دعوات لأحد فالكل مدعو والكل واحد، كنا لا ندع فرحاً يعتب علينا ولا نترك حزينا حتى ينسى حزنه".
الرحلة إلى مكة
وتروي الجدة رواياتها الجميلة عن رحلات الحج، وكيف كانت الطريق إلى مكة، وتقول إنها أتمت حجتين، إحداها مع زوجها الحاج حسين، مشيرة إلى أنهم كانوا يذهبون إلى مكة على ظهر الجمل، يتخللها التسبيح والتهليل طوال الطريق. أخذت الجدة تغني بصوت يوحي وكأن تلك الأيام عادت إليها "يالي ناديته يا نبي يا نبي، تردوا على بيته وتبلغوا حجته، لقد كان المحظوظ منا من يجلس بجوار قبر النبي وحائط الكعبة". [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الشيخ المرحوم حسين طبش زوج العجوز خضرة، كان أجمل محطة في حياتها وأيامها التي قضتها معه، وتعني لها الشيء الكبير، وعند حديثها عنه بكت بألم رغم أن عينيها الصغيرتين لم يتبق بهما دموعا. وقالت: " الحج حسين كان رجلاً يرفع الرأس، لقد شهدنا حرب العالم الأولى والحج حسين مات قبل حرب فلسطين عام 1967 بتسع سنوات وعمره 90 عاما".
وتحتفظ الجدة طبش بصورة زوجها الشيء الوحيد الذي تبقى لديها من ذلك الزمان، وتمنع أي أحد من الاقتراب لصورته التي تكاد تختفي معالمها من عوامل الزمن، وتروي منامها الذي يأتي فيه لها الحج حسين وتقول: "جاءني الحج في منامي عدة مرات، وقال لي لن نأتي لنأخذك إلا بعد أن نأخذ كل الغنم" في إشارة إلى كبار المنطقة، وفق تقديرها.
وبحسب الجدة وأهالي المنطقة الكبار، فإن الحج حسين كان رجلاً صالحاً وكان مختارا لعائلته، وكان يخرج قبل صلاة الفجر وينادي في الشوارع على أهالي المنطقة يدعوهم للتوجه إلى المسجد لصلاة الفجر جماعة وكان رجل إصلاح كبير.
كان بود الجدة أن تروي المزيد لكنها تعبت وملت من تكرار الحديث، ومع ثقل الهموم على قلبها وتعبها من الحياة أصبحت لا تتوقف عن رفع يدها إلى السماء والنداء بصوت عال "يكفيني يا إلهي يكفيني خذني إليك يا الله خذني إليك يا الله". | |
|