الجزء الثامن...... من ذاكرة الأيام...

الجزء الثامن .....من ذاكرة الأيام.
رأيت أن أضع بين أيديكم في هذا الجزء من ذاكرة الأيام ..صورة مختصرة لموضوع هام جدير بأن يوثق ويوضع بين أيدي أبنائنا من الجيل الجديد .. لكي يدركوا مدى البساطة التي كانت تسود حياة آبائهم وأجدادهم في الأيام الماضية .. ولذلك رأيت أن أتحدث لكم عما كان يمارسه اباؤنا وأجدادنا في علاج الكثير من الأمراض التي كان يصاب بها بعضهم ..بالرغم
أنني أكاد أجزم بأننا لم نكن نسمع عن الأمراض التي نعرفها اليوم .. كأمراض السرطان بشتى أنواعه، أو الفشل الكلوي، وخلافة ... ففي تلك الأيام كانت تقريبا الأمراض بسيطة في عمومها لأنه لم يكن قد انتشر التلوث البيئي .. نتيجة كثير من العوامل والتي أهمها مايبثه لنا عدونا الذي شغلنا عنه بخلافاتنا الداخلية من سموم وحرب بيولوجية موجهة خاصة لنا والتي تتمثل فيما يبثه مفاعل ديمونا القريب ... أو المخلفات النووية والتي غالبا مايتم دفنها بالقرب من بلدنا ... في صحراء النقب...
لم يكن الحال في بلدنا كما هو عليه اليوم .. حيث تزخر هذه البلد المعطاءة بالأطباء المتميزين من أبنائها وفي شتى التخصصات الطبية .. وهذه نعمة نشكر الله عليها..لأنه والى عهد قريب لم يكن في هذه البلدة طبيب واحد .. وكان أهلنا اذا أرادوا الذهاب لطبيب في خانيونس أو أي مكان آخر يتكبدون الكثير من المشاق... ولذلك كانو يفضلون الطب الخزاعي على الذهاب للعلاج في الخارج( خانيونس أو أي مكان آخر).. وكان يوجد بعض المتخصصون في هذا العلاج في شتى أنواع التخصصات ونسوق هنا بعض الأمثلة :
(1)طب النساء والتوليد:
لم تكن أمهاتنا تعرف أطباء النساء والولادة فجميع حالات الولادة في بلدنا ..كانت تتم بواسطة الدايات أو ( القابلات ) وتتم في المنزل دون الحاجة الى الذهاب الى المستشفيات وكانت في البلد قابلات مشهورات وأذكر أشهرهن ( أمنا وأم الكثير من أهل خزاعة رجال ونساء ) وهي الحاجة ( أم أحمد) رحمها الله تعالى حيث كانت تتم أكثر من 75في المائة من الولادات في بلدنا على يدها ..
(2)معالجة الكسور :
كثيرا ما كان يصاب أحد أبناء البلدة بكسور في أحدى يديه أو ساقه وومهما كانت هذه الكسور فيتوجه ذوي المريض لأحضار ( المجبر) لتجبير كسوره بالطريق البدائية وهي عبارة عن تحضير خلطة من الردة والبيض والعدس المطحون وغيرة وبعد أن يقوم المجبر بأعادة وضع العضام في العضو المكسور الى أماكنها بواسطة التدليك الشديد بيدة متلمسا العضام التي خرجت عن نسق بعضها فيعيدها الى مكانها وسط صراخ المصاب الشديد لأنها عملية مؤلمة تتم بدون تخدير وانما يقوم بمسك المصاب اثنين أو ثلاثة رجال من أقاربه لكي يمكنو الطبيب من القيام بعمله دون مقاومة من المريض ... وبعدها يقوم بتثبيت العضو المصاب بواسطة أعواد من جريد النخل ويتم ربطها بطريقة خاصة حول العضو المصاب ... ثم يبدأ بالقاء التعليمات على الصاب وأهله:
*يجب أن تبقى هذه الجبيرة لمدة 40 يوم..
* لايأكل المريض الا طعاما خاصا خالى من الملح والخبز فطير( أي لم يتم تخميره)
* ممنوع دخول كذا وكذا..
وباقي التعليمات ... حيث يتم تقيد الأهل بها والزام امريض بها أيضا الى أن تنتهي المدة التي حددها فيأتي المجبر لزيارته الثانية والنهائية فيقوم بفك الجبيرة عن العضو المصاب .. قائلا ماشاء الله ... صلاة النبي ... فيطلب من المريض أن يقوم ليمشي .. وهكذا يتم شفاؤه بعون الله تعالى...
(3)تشنج العضلات أو (لقطاع):
وهو تشنج شديد يصيب عضلات الكتف والظهر وأسفل البطن نتيجة حمل شيء ثقيل دون الأستعداد نفسيا لحمله أو كما يعرف في علم الرياضة اليوم التسخين فيحمل النسان أحيانا شيء دون التقدير الصحيح لوزنه فيصاب بهذا التشنج الشديد مسببا له آلاما شديدة تقعده أحيانا في الفراش .. فيعرضه ذووه على المعالج وبعد الكشف على ضهره وبطنه وأعلى كتفه بالضغط الخفيف على المكان فيصرخ المريض نتيجة الألم فيضع الطبيب المعالج علامة بقلم كوبياء على مكان الألم وهكذ يحدد جميع العضلات المتشنجة ثم يقوم بأحماء مسمار من الحجم الكبير على النار ويكوي به مكان الألم وبالذات المكان الذي وضع فيه العلامات بقلم الكوبياء فما أن ينتهي حتى يبدأ بالقاء تعليماته على ذوي المريض بخصوص نظام تغذيته في الفترة القادمة وما هو ممنوع وما هو مسموح ثم يذهبوا به الى البيت فلا يلبث أن يشفى تماما. من هذ المرض الذي تغص عليه حياته فترة لابأس بها...
(4)التهاب الغدة الدرقية (أبو داج)
مرض يصيب عادة الأطفال دون العشرة من العمر حيث ينتفخ ماتحت الذقن والشدقين نتيجةالتهاب يصيب الغدة الدرقية مسببا آلاما شديدة... وأما علاجه فهو أن يقوم شخص بكتابة آية الكرسي على خدي المريض بقلم كوبياء فلا يلبث أن يشفى تماما .. بعون الله........( لاحظوا مدى توكل أهلنا على الله وقوة ايمانهم)..
(5) السعال الديكي( القوقة)
غالبا ماكان يصاب الأطفال بهذا المرض وهو معروف وكانت معالجته تتم باحضار قطعة قماش قطنية وجعلها على شكل لفافة اسطوانية فيحرق طرفها ثم يكوى بها عنق المصاب فيشفى من هذا السعال المزعج...
(6) تساقط الشعر الحاد ( القرع)
هو عبارة عن تقرحات والتهابات تصيب فروة الرأس ينتج عنها تساقط الشعر مع عدم نموه .
قليلا ماكان يصاب به أحد ولكنه كان يعالج بشيء اسمه ( كحل الغوم) أي مادة سوداء كان يخلفها انفجار لغم من مخلفات الحرب العالمية أو أللأغام التي استخدمها الثوار والفدائيين ضد دبابات الأحتلال الصهيوني أثناء غزوهم للقطاع عام 1956م فيخلط هذا الكحل بزيت الزيتون مع بعض الأضافات فيدهن به المكان المصاب بالقرع فيزول بعون الله ( حسب النيات)
(7) الخوفــــــــــــــــــــــــة:
وهي تشنج يصيب عضلات بين الفخذين ، يعتقد البعض أن هذا نتيجة موقف مخيف تعرض له المريض فسبب لدية هذا المرض .. فيكون غير قادرا على الحركة في أحيان كثيرة وتنعدم شهيته للطعام ويشعر بالخمول والميل للأنطواء والعزله مع الأحساس بالضعف العام .. فيقولون أن حاله صار شماته فيهرعون به الى الأختصاصي الوحيد في البلد ( الحاج عارف) أمد الله في عمره ليلقط له الخوفة ..بالعلاج الطبيعي.. دون جراحة أو مناظير.... فيشفى بأذن الله.. ويعود سليما معافى ... داعيا للحاج عارف بالصحة وطول العمر...
( آلام الكلى ... ( الصفحة) أو( الجنب):
عندما كان أحدهم يشعر بأي آلام في الكلى فكان يهرع لذوي الخبرة فينصحوه بالذهاب الى الحاجة أم فلان فلديها العلاج الشافي وهو عبارة عن حزام يضعه حول وسطه وقد علق به سكين صغير يسمى ( خوصة الجنب) فيتحزم به بعض الوقت الى أني ذهب الألم ويحس المريض بالراحة .... سبحان الله ( عامل نفسي).
(9) الرجـّـــــــــــــــــــــة:
حالة من حالات الخوف يتعرض لها أحيانا شخص ما ولكن لكي لايتطور الموضوع ويصبح عنده خوفة مما يضطره للذاب الى الحاج عارف فتبادر والدة الخائف أن تحضر له........... (طاسة الرجة) وتضع فيها ماء وهي عبارة عن أناء نقشت في داخله آية الكرسي فيشرب منها .. فيزول الخوف منه .... بأذن الله ... حسب معتقداتهم..
(10) النظـــــــــــــرة .. ( العين) أو ( الملعونة) كما درجت تسميتها:
وهو عبارة ع التهاب حاد يصحبه تضخم في أحد أصابع القدمين أو اليدين يصاحبها آلام حادة وهو في ظاهره يشبه ( الغرغرينا) ويدعون أنه يصيب الأنسان نتيجة عين حاسد ويلجأون الى علاجها بواسطة الكي بمسمار من الحجم الكبير يوضع رأسه على النار الى أن يحمر ثم يكوى بها العضو المصاب ... فيتم شفاؤه بعون الله... وأذكر هنا حادثة من هذا النوع شاهدتها شخصيا .. حيث حضر ذات مرة الأخ / عبد الرسول عبد الغني شفاه الله ومتعه بالصحة وكان عمره آن ذاك لايتجاوز الخمس سنوات الى والدي رحمه الله وهو يمشي بصعوبة بالغة وقد توكأ على والده .. أمد الله في عمره وهو مصاب بالنظرة في احدى قدميه وبعد أن عاين المعالج الحالة .. جاء بأدوات العملية العلاجية وهي عبارة عن مسمار من النوع الكبير وقد دق في قطعة خشبية اسطوانية الشكل .. وجاء بالبابور ( موقد الكيروسين ) الذي يستخدمه الناس في طهو الطعام آن ذاك لأنه لم يكن قد عرف البوتوجاز بعد ... وقام بوضع المسمار على النار الى أن احمر ثم طلب بتقديم المريض اليه ومسكه لكي لايسحب رجله من حرارة الكي ثم وضع المسمار على رجل المريض فسمعنا صوتا لاحتراق الجلد وشممنا رائحة شواء ، بعدها قام المريض يجري مسرعا الى أن وصل بيته وقد تعافى تماما.. ( ملحوظة) ربما قام يجري من الخوف أو من ألك الكي ... الله أعلم ... ولكنه فعلا تعافى مما كان يشكو منه..وارجو أن يكون الأخ عبد الرسول متذكرا للواقعة..
(11) طب العيون:
غالبا ماكانت تعالج جميع أمراض العيون بطريقة واحدة ... وهي تعليق خرزة زرقاء مقابل العين المصابة زاعمين أنها تلتقط اللون الأحمر من العين أو أية التهابات أخرى ..
غير أنه اشتهر بمعالجة أمراض العيون عندنا في البلد وحسب قواعد الطب الحديث بكل مافي الكلمة من معنى المرحوم / أبو محمد ( الشيخ جبريل أبو حمودة يرحمه الله) فقد كان ملما حقا بفنون معالجة العيون ...فحل مشكلة ليست بالبسيطة .. وهي مشكلة الخزعبلات التي كان يمارسها البعض.. واستبدلها بوسائل العلاج الحديثة...

» تابع الجزء الثامن.....من ذاكرة الأيام...
» الجزء الثاني..... من ذاكرة الأيام..
» الجزء الرابع..... من ذاكرة الأيام..