الجزء الخامس..... من ذاكرة الأيام...

تنويه:
الاسماء المذكورة في هذا الجزء هي أسماء رمزية ولا تمثل الأسماء الحقيقية للشخصيات المذكورة ... تفادينا ذكر الأسماء الحقيقية لعدم التسبب في أي احراج لأي شخص.
سيناريو الأعداد للزواج:
بالكاد أسمع صوت جلبة صادرة من بيت والد العريس وأشاهد حركة غير طبيعية حول البيت وبعض صبيان الحارة وبنات أخو ابو محمد داخلين خارجين .. يركضون ... قررت الأقتراب بعض الشيئ لكي أستطلع الأمر .. الصوت الآن أوضح:
ـ بس أنا متفق مع الراجل بعد الموسم." صوت أبو محمد"
ـ أم محمد: ويش فيها ؟ احنا عند كلامنا .. والموسم ضايلله بالضبط أربعين يوم
انشالله بدكش اياني افرح بابني .. هو أنا كم ولد عندي .. يازلمة مافيش غيره... والاّ كل يوم بده يجوز ... هي فرحة واحدة...
ـ طيب ايش اللي بدكي اياه هالحين؟( بحدة ... متعمدا أن لايرفع صوته)
لكي لايصل بعيدا.
- شوف يابو محمد بالنسبة للذهب .. ولا تنقل هم!!
ـ ليش ؟! طايحتيلكي في كنز وانا مش داري؟؟
- لا .. يازلمة... أنت عارف اني عندي شوية ذهبات .. اللي جبتلي اياهن معاك من لحجاز .. لمّا حجيت... فاكرهن.. ؟
ـ طيب ..مستغربا.. وكأنه لايصدق مايسمع..
- واشوية لِجْهَدِيّات.. حصتي من ورثة المرحومة أمي..
- بنحطهن على بعضهن ... وبنبيعهن .. ولاّ أقولّك هاي الحج عليان( تاجر الذهب المحلي) هاذاهو كل يوم بيمر من جنبنا ... باناديه واخليه يشتريهن ونشتري منه ... ذهبات لعروسة ابنّا..
( الحاج عليان من يوم ماسمع عن الخطوبة بيعمل له مشوار يومي مرورا ببيت أبي محمد لكي لايضيع فرصة بيعه مستلزمات العروس من الذهب)
ـ ويش بدكي اتجيبيلها ذهب...؟؟
- بدي أجيبلها زي الناس " جوز أساور..وحلق..وسنسال صغير... "
ـ ليش ناسيتي الِدِبَل..?.. مش بدهم دبلتين ..? هاذول أولاد اليوم ..! انتي فاكرة أيامهم زي أيامنا ... هالحين بيجيبو دبل .. واحدة للعريس واحدة للعروس..
- لا عارفة .. بس احنا علينا ... دبلة العروس .. عشان أم محمد قالتلي بيني وبينها.. انهم هم بدهم يجيبوا دبلة العريس... والله انهم ناس مليحين..أصله العروس الها صاحبات من القلاعية ... وبدها تعمل زيهن..
هدأ أبو محمد ... وكأنه استساغ الفكرة
- احنا بدنا نبدأ نجهز للعروس ... هو لجهاز بسيط .. ؟يادوب نلحق علشان نفرح لنا كم ليلة زي الناس..
ـ حاضر ياستي.... حاضر يام العريس... طيب بيكفيكي بَرِم .. وروحي سويلي كباية شاي.... خليني أفكر في هالدنيا.. واشوفها كم خُرُجْ..والله وجعتي راسي بكثرة برمكي...
* ذهبت أم محمد لأعداد الشاي.. وجلس أبو محمد فكرة تيجي وفكرة تروح ..وفجأة أفاق على حقيقة وهي ... أن مجموع ماهو متوفر لديه من مال لايكفي فبدأ يعد خطة لتزويج ابنه واللي بده يصير يصير .. وعلشان يخلص من خطط أم محمد المباغثة والتي تأتي بمفاجآت قد تزيد المصاريف ..وهي لاتعلم..
فكّر الرجل ملياً .. واستغرق في التفكير الى أن جاءت أم محمد حاملة كاسة الشاي .. قائلة مازحة" تفضل ياجملي.. الله يديمك النا ويخليك فوق روسنا..
فعلق أبو محمد على كلامها ... " الله يعين الجمل على حمله.! فردت .. بيعين الله .. يازلمة أتوكل على الله.. فقال : والنعم بالله..
ـقومي ورّي هاتيلي القرشين اللي عندنا...
فقامت مسرعة الى الداخل وعادت ومعها صرة صغيرة فيها نقود... هي تحويشة أبو محمد ..وكل مايملك..
وناولته اياها وهي تقول سمي باسم الله " الله يحط البركة..
فتناولها وهو يقول باسم الله الرحمن الرحيم.. وفتحها وبدأ يعد...
الله واحد، ماله ثاني ، خمسةعشر ، عشرين ... لانها من فئة الخمسة جنيهات مصرية... واستمر بالعد الى أن انتهى ..ثم التفت الى زوجته المصغية اليه باهتمام وتتابع عده قائلا:
ـ أمّات خمسة ( يقصد خمسة جنيهات) عشرين ورقة.. يعني قديش؟؟
_ فتجيبه يعني مئة جنيه.!
ـوأمات جنيه(عشرة) قديش صارن؟
-صارن مئة وعشرة
ـ ولنصاص( ثلاثين نُص) يعني خمسةعشر جنية ، يعني صارن كلهن قديش فتجيبه الفهمانه:
-كلهن صارن مئة وخمسة وعشرين ورقة... يطلقون على الجنيه أحيانا ورقة.
ـ والله يامره بينقص علينا كثير ...أي بدنا كمان خمسين ورقة عشان نقول والله بدنا نتجوز( يقصد يزوج ابنه)
ـوالله بدي أقوم أوصللي كام مشوار ... وارجع.. ناوليني هالساكو... يقصد الجاكيت التي يرتديها اذا ذهب مشوار مهم.. فذهبت وأحضرت له الساكو...وتناول سبحته .. ولبس عقدته ومريره ... ومشى ..وهو يقول ... يارب لاتفشلني... يارب سهل أمري... فبادرته أم محمد... روح الله يفتحها في وجهك ..ويسهل أمرك...ويحنن عليك...
ذهب أبو محمد مشوار استغرق من بعد صلاة الضهر وحتى صلاة العشاء ذاهبا الى أصحابه ومن هو متأكد أنهم سيساعدوه فجابها من الجنوب الى الشمال ... فبدأ بصديقه فلان فقبل أن يصل مدخل بيته بأمتار ربما بلغت العشرة أمتار أو خمسة عشر مترا حتي صاح بأعلى صوته ... ياساتر ... ياعرب... ياأهل الله
فيرد من داخل البيت ... ياهلا ومرحبا .. حياك الله " دون أن يعرف من هو المنادي .. فعندما رآه .. بادره ...أهلين يابو محمد... اتفضل ..خطوة عزيزة والله.... يابنت هاتي الشاي .. فجلسا يتجاذبا أطراف الحديث حتى حضر الشاي وشرب أبو محمد .. وبعد انتهاؤه من تناول الشاي .قال صاحب البيت ... ها ياخوي يابو محمد متى نويتوا .. يقصد اتمام الزواج .. فيقول والله يابو فلان أنا نفسي اليوم قبل بكرة بس والله مالي مقدرة هالحين... فيقول صاحبه.. له يابو محمد ..انت ناقص عليك فلوس ولا حاجة .. فيجيب ابو محمد والله عشان هالموضوع أنا جيتلك... فيقول له أبشر .. قديش محتاج ... فيقول في حدود السبعين ولا ثمانين يقصد جنيه... فيقول صاحبه .. استناني دقيقة .. ويدخل داخل البيت لدقائق معدودة ويعود وفي يده خمسة عشر جنيه قائلا... هالحين خذ هاذول َمشّي حالك فيهم ... ولو بنروح أنا وانت لصاحبنا فلان بنجيب قدهم.. فيذهبان الى صاحبهم فلان فيعطيهم ويذهب معهم الى صاحب ثالث وهكذا ألى أن جمع أبو محمد مئة جنيه أي أكثر مما كان يتوقع وأقفل عائدا الى بيته وقد أشرق وجهه وهو يردد ...الحمد لله... الله يبيض وجوه أولاد الحلال والله عملوا بأصلهم فتستقبله أم أحمد فتستفسر منه فيحكي لها الحكاية بالتفصيل....حتى ساعة متأخرة من الليل .. ثم تناول أبو محمد شيئا من الخبز مع كاسة شاي. ثم ذهب للنوم ليصحو مع صلاة الفجر... ولينظر ماذا سيفعل ...
أبو محمد غط في النوم وعلا شخيره من التعب حتى أن أم محمد لم تستطع أن تنام بالرغم أنه نائم في الناحية الشرقية من الحوش وهي في الناحية الغربية .. فاستغلت الفرصة للتفكير فيما يجب القيام به فخطّت لنفسها برنامج عمل ليوم الغد وهو أن تذهب غدا ولكن بعد المغرب وبعد الأنتهاء من أعمال البيت الى والدة العروس وتتفق معها على أن يذهبو جميعا يوم الخميس لشراء الجهاز للعروس فذهبت الى أم أحمد وهي في طريقها مرت على أم خليل وأم علي وهن جالسات بجانب حيطة دار أم علي فردت عليهن التحية المعتادة وهي مستعجلة( قَوْكِن يابنات)فرددن عليها ألله يقويكي يام محمد ... ها بنشوفكي في همّة .. خير انشاءالله..؟. فترد ..لا انشاءالله خير... وتتابع سيرها أما ام على وأم خليل فتابعن مجلس النميمة..:
= أم علي : شايفة ياختي ... والله انها طايرة بهالعروس طير
-على ايش بكرة ... تسمعي الفضايح
= لا..بس هي بتحب هالبنت... والله انها عاجبتها... دايما بتشكر فيها ولجمال تشيل...
- بس المخفية أمها ... والله انها بتنكد على بلد ... ( تقصد أم ألعروس)
=والله بيقولوا انهم بدهم يجيبولها ذهب ( بثمانين جنيه)
- يوه ..يوه..يوه بثمانين جنية ... والله بيجيبن كبشة ( ذهب)
= ليه انتي ناسية انها عندها عسماليّات جابهن ابو محمد من لحجاز؟ والله بيقولوا انه كاين لاقي لقيّة... غاد..
- أني دارية ... اللي معاه فت بيفت..
= قوليلي قومي لاحسن قرب العِشا واني ماعشيتش دوابي ولا سكرت على فرخاتي... فوتتكي بعافية ...
- مع السلامة ... تصبحي على خير...
= تلقي من الله خير.. وانفض مجلس النميمة.... أخيرا

» تابع الجزء الخامس.... من ذاكرة الأيام..
» الجزء الثاني..... من ذاكرة الأيام..
» الجزء الرابع..... من ذاكرة الأيام..