غزة، 29/12/2008 (رامتان): وقف الوالد أنور بعلوشة مذهولاً أمام مشهد بناته الخمس المسجيات في ثلاجة مستشفى "كمال عدوان" في بيت لاهيا، فيما لم تسعفه الكلمات وسقط مغشياً عليه من هول ما رأى.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] حاول الوالد أن يتماسك وظن أنه سيتمكن ولو للحظة من حمل ابنته "دينا" ذات الأعوام الأربع، إلا أنه سقط أمام هول مصيبته، وقد نقل إلى قسم الاستقبال في المستشفى في حينه.
أنور هو أب أسرة مكونة من زوجته وبناته الثمان أكبرهن في السابعة عشر من العمر وأصغرهن عمرها 12 يوماً وابن وحيد ويبلغ من العمر عاماً وثلاثة أشهر، كانوا يغطون في نوم عميق لاكتساب ما استطاعوا من ساعات ليل غزة الذي اختلط بالدم والدمار خلال الأيام الثلاثة الماضية، لكن الموت كان يلاحقهم.
صاروخ أطلقته طائرة "أف 16" باتجاه مسجد "عماد عقل" المجاور لمنزل عائلة بعلوشة في مخيم جباليا شمال قطاع غزة حوله إلى ركام وإلحاق أضرار كبيرة في المنطقة وخاصة بالمنزل الذي دفن من فيه تحت الأنقاض.
الوالد المكلوم، في مقابلة متلفزة مع وكالة "رامتان"، بدأ حديثه بصوت حزين يعبر فيه عن مأساة أسرته التي تسببت بها الغارة الإسرائيلية: "الناس تصاب بواحد وأنا أصبت بخمس من بناتي، لا حول ولا قوة إلا بالله".
وقال بعلوشة: "كنا نائمين جميعاً في المنزل، ولم يوقظني إلى صوت الانفجار وقد وجدت نفسي وزوجتي تحت الردم، أطالب العالم ليأت ليتفرج علينا، ألا يكفي ما نعانيه من حصار ودمار وجرائم حرب".
وأضاف، وقد كشف عن إصابة تعرض لها في مقدمة رأسه جراء الانفجار: "كانت بناتي ينمن في غرفة مجاورة لغرفتنا، بانتظار عودة التيار الكهربائي المقطوع لاستكمال مراجعة دروسهم، لكن القصف سبق كل شئ وأخذ بناتي مني، وقد غطاهم الركام، حيث بدأنا بانتشالهم من تحت الأنفاض، وتبين أنني فقدت خمسة منهم".
أما الأم فحالها لم يكن بأفضل من زوجها، وقد تحدثت إلى "رامتان" وعينيها تغرقان بدموع تظهر حرقة قلبها على نكبة العائلة، قائلة: "تفاجأنا ونحن نائمون بالقصف وقد تدمر الجامع بسبب القصف وانهار علينا لم نصح على أنفسنا إلا ونحن تحت الركام.. سبعة من بناتي كن نائمات في الغرفة الثانية، تم إنقاذ اثنتين منهن، ونسأل الله أن يعوضنا عن الخمس الباقيات".
وأضافت: "ما ذنب عائلة مكونة من 11 نفراً لم يفعلوا شيئاً يستهدفون وهم نيام، لم يتبق منهم سواي وزوجي وابني الوحيد والطفلة ذات 12 يوماً وابنتان أخريان، حسبي الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون".
وغادرت الأم مسرعة للحاق ببناتها الفقيدات وهن خارجات في مسيرة تشييع انطلقت من مستشفى "كمال عدوان" باتجاه منزل العائلة لتوديعهن وضمهن إلى صدرها للمرة الأخيرة.