[b][size=18] أنفاق غزة .. رزق لأهلها
نشرة 9 - رويترز -
استغرقت رحلة عودة أبو محمد لداره نصف الساعة ولكنها تبدو الأطول في حياته، تقطعت السبل بأبو محمد (22 عاما) في مصر مع مئات آخرين عقب تصاعد المشكلات بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفتح يونيو الماضي .
ومع إغلاق معبر رفح قرر أبو محمد اللجوء لواحد من عشرات الإنفاق التي تعبر الحدود بين قطاع غزة ومصر وتديرها عصابات تهرب كل شيء بما في ذلك الأسلحة والناس والسلع.
دفع للمهرب أربعة آلاف دولار لاستخدام نفقه للعودة لدياره مع شحنة من السجائر المهربة، قال أبو محمد "استغرقت رحلة العودة زاحفا حوالي نصف الساعة لكنها كانت بمثابة عام بالنسبة لي، وطلب أبو محمد عدم نشر اسمه الحقيقي بسبب رحلته السرية ومضى قائلا "زحفت على بطني مثل الثعبان، لم يكن بوسعي أن ارفع رأسي طول مدة الرحلة."
وفي الشهر الماضي أعلنت إسرائيل قطاع غزة "كيانا معاديا" وتراجعت حركة تدفق الناس والسلع عبر المنافذ الحدودية تراجعا حادا منذ سيطرت حماس على القطاع وانعكس ذلك في صورة ارتفاع الأسعار بشدة بالنسبة لسكان القطاع البالغ تعدادهم 1.5 مليون نسمة وأرباح ضخمة للمهربين والعشائر التي تحفر الأنفاق.
قال أبو سلمان الخبير في حفر الأنفاق "تزايد الطلب بصفة خاصة منذ يونيو، يجري حفر العديد من الأنفاق الأخرى، وأضاف أن كل نفق تكون له أكثر من فتحة حتى يتسنى استمرار عمليات التهريب في حالة إغلاق القوات الإسرائيلية التي تغير على غزة أو المصريين إحدى الفتحات.
حفر رغم الغارات
والآن بعد ما غادرت القوات الإسرائيلية مواقعها في القطاع يستطيع القائمون على حفر الأنفاق العمل في مناطق أقرب للحدود المصرية رغم الغارات التي لا تزال إسرائيل تشنها مستهدفة النشطاء في غزة.
يقول أبو سلمان (35 عاما) "نجلب السجائر ومحركات السيارات والأسمدة والأدوية بما في ذلك الفياجرا، وتابع أن الأسمدة يمكن أن تستخدم في تصنيع متفجرات".
وبدأ سكان غزة حفر الأنفاق في أوائل الثمانينات لتهريب سلع من مصر، واستغلتها الفصائل الفلسطينية المسلحة لجلب أسلحة في التسعينات للتصدي للاحتلال الإسرائيلي وإرساء قاعدة قوتها.
وفي السنوات السابقة على الانسحاب من غزة في عام 2005 فجر الجيش الإسرائيلي عشرات الأنفاق ولكن لم يستطع القضاء عليها كليا، وقال أبو سلمان أن هناك الآن وفرة في الأسلحة في غزة حتى إن عمليات تهريب السلاح التي كانت رائجة يوما ما توقفت تقريبا، وتابع "أعتقد أن بوسعنا بيع السلاح لمصر الآن وليس الشراء منها، وأضاف أن السلع التجارية هي التي تدر ربحا حقيقيا وقدر أن مالك النفق يمكن أن يحقق دخلا لا يقل عن 50 ألف دولار من تهريب ثلاث شحنات شهريا لتجار في غزة".
ويستعين أبو سلمان بعشرة من عمال الحفر وقال انه لم يسمح إلا لعدد قليل من الفلسطينيين العالقين باستخدام نفق طوله 800 متر حفره تحت منزل أسرته، وتابع "ليس مفتوحا للجميع.. فقط لمن نثق بهم تماما لأننا لا نريد أن نقضي على أعمالنا."
وحفر الإنفاق عمل خطير وشاق وقتل عدد من عمال الحفر في انهيارات في السنوات الأخيرة، ولكن أبو سلمان يقول أن سكان غزة "يريدون أن يفعلوا أي شيء من أجل توفير المال وإطعام أسرهم."
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]